الخميس، 20 سبتمبر 2012

عائشه مصطفى....طالبه مصريه تتفوق على وكاله ناســـا

اهلا بكم فى مدونه 

هيّسً معٱنٌٱ وِ خٌدُلك لبّٱنٌۂ





         

«عائشة» طالبة بالفرقة الثانية بكلية العلوم جامعة سوهاج، ولأنها لديها أفكار علمية - 

أعتقد أنها تحتوى على ابتكارات مهمة - سافرت بصحبة والدها حتى القاهرة فى سبيل 
عرض معادلاتها، وفى هذا السياق وصلت إلى مكتبى الخميس الماضى.

«عائشة» بنت جميلة وأنيقة، تماماً مثل استنتاجاتها الرياضية البسيطة، المبنية على أفكار فيزيقية عميقة. تأملت تلك المعادلات ولاحظت أن معظمها ليس هراء كاملاً ك

ما كنت أتوقع، إنما استنتاجات مبسطة لظواهر معروفة ومهمة، وفوق مستوى معرفة طالبة فى السنة الثانية.. والأهم فهى تجيد جانباً جوهرياً فى الفكر العلمى، وهو توحيد وربط ظواهر قد تبدو بعيدة عن بعضها.. وقد وجدت هكذا علاقة تربط درجة حرارة الطاقة الإشعاعية الكامنة فى الموجات الكهرومغناطيسية والطاقة الكامنة فى كتلة المادة «كما عرفها أينشتاين من خلال معادلته الشهيرة التى ربطت بين الكتلة والطاقة».

قلت لها إن المعادلة البسيطة التى اعتقدت أنها ابتكرتها صحيحة من حيث المبدأ، بل تعتبر إعادة استنتاج مبسطة لظاهرة معروفة، مع ذلك فإن تداعيات تلك المعادلة يمكن رصدها فقط على درجات حرارة عالية جداً، تسمح للموجات الكهرومغناطيسية فى صورة «فوتونات» عالية الطاقة بالتحول إلى جسيمات ذات كتلة، كالإلكترونات مثلاً.. فالـ«فوتون» عالى الطاقة هو فقط الذى يمكن أن يتحول إلى زوج «إلكترونى - بوزيترونى»، والعكس صحيح، أى أنه عندما يتقابل الإلكترون مع نقيضه البوزيترون يمكن أن يتحولا إلى «فوتون» كهرومغناطيسى عالى الطاقة.

قلت لها إن درجات الحرارة التى تسمح بتلك التفاعلات سادت بالفعل الكون فى أول ثوان بعد نشأته.. نعرف ذلك لأن الطاقة الإشعاعية المتبقية من تلك الحقبة مرصودة منذ اكتشافها عام 1964، ونعرف أن هذه الأشعة فعلاً «كونية»، لأن أى جهاز رصدى يلتقطها بصرف النظر عن وجود أى مصادر أرضية مجاورة يمكن أن تنبعث منها، وهى مرصودة فى كل اتجاه ولا تتغير حدتها من مكان لمكان أو من اتجاه لآخر.. ولديها بصمة ما يسمى «الاتزان الحرارى»، الذى نتج فى بداية الكون عن التحول المستمر بين الموجات الكهرومغناطيسية فى صورة فوتونات والمادة ذات الكتلة فى صورة إلكترونات وبوزيترونات وغيرها، وعن التلاحم الكهرومغناطيسى بين الفوتونات والأجسام المشحونة... ثم عندما انخفضت درجة حرارة الكون نتيجة تمدده «تماماً كما تنخفض حرارة غاز الولاعات عندما يتمدد عند خروجه من الأنبوبة»، وانخفضت كثافة المادة فيه، تلاشى التلاحم بين الجسيمات والأشعة الكونية، التى تصل إلينا الآن كرسالة معلوماتية عن حالة الكون البدائى.

بدت الدهشة على وجهى عائشة ووالدها الفخور (عن حق). فرغم أن استنتاجاتها الرياضية البسيطة لم تعبر عن اكتشافات جديدة فإن تداعياتها مذهلة.. وبالفعل، فالمجتمع العلمى ينتظر الآن نتائج المرصد «بلانك»، التابع لوكالة الفضاء الأوروبية، الذى سيرصد أشعة الظل الكونية تلك بدقة فائقة، والتى ستمكننا من معرفة المزيد عن ظروف نشأة الكون ومحتواه. لذلك، قلت لـ«عائشة» إنه مع أنها لم تكتشف نظريات جديدة، فإن لديها موهبة يجب أن تنمى من خلال التدريب الشاق، حتى تكون ناضجة بشكل كاف للاشتراك الفعال فى اكتشافات المستقبل - عن طريق تحليل نتائج «بلانك» مثلاً، وأشرت لعدة كتب يمكن أن تقرأها حتى نتناقش فيها.

وفى مساء ذلك اليوم تحركت كالعادة نحو منزلى بالزمالك عن طريق «المحور». كانت «الزنقة» المسائية الممتدة قد بدأت كالعادة، وعند الوصول لميدان لبنان اكتشفت «كالعادة» أن الطريق ينسد لكيلومترات عديدة نتيجة التزاحم العصبى عند المفرق النهائى للطريق: أى أن الناس يقضون ساعات طويلة من العذاب لأنهم يفرضونه على أنفسهم، لأنهم لا ينظرون للمصلحة العامة.. فعندما يصلون إلى المفترق لا يفكرون على الإطلاق فى أن تصرفاتهم هناك تتسبب فى خنق الطريق وعذاب من وراءهم، رغم أنهم أنفسهم منذ فترة وجيزة كانوا يحسبون على هؤلاء المعذبين.

فى «زنقتى المحورية» اكتشفت أن هذا النهج نفسه - الأنانى لدرجة أنه يتجاهل أن المصلحة الشخصية فى النهاية مرتبطة بالمصلحة العامة، وأن الفوضى لا تفيد أحداً، هو الذى يحرك آلاف الصراعات، اليومى منها والمصيرى أيضاً، التى يخسر فيها الكل. هذا النهج قد يتسبب أيضاً فى النهاية فى عدم وجود أحد على الإطلاق فى ذلك المكتب الذى أعمل من خلاله بمدينة زويل لكى يرد على أسئلة «عائشة» وأمثالها.. فلا مكان لـ«زويل»، أو حتى لـ«نيل»، بعد ضياع المصلحة العامة وسيادة الخراب.

دكتور عمرو من مدينة زويل

0 التعليقات:

إرسال تعليق